الثلاثاء، 31 يوليو 2007

عزامى الروح_3

وصلنا الى باكستان فى أوائل ذى القعده...أحسست أن روح عبد العزيز قد وصلت الى مبتغاها أخيرا
..اتصل بى ذات ليله وقال سأذهب الى مكتب خدمات المجاهدين العرب فى بيشاوروقال هل ستأتى معى؟ قلت نعم
..وأنا فى انتظار مجيئه الى لنذهب قالت زوجتى صاحبك هذا لن يهدأ حتى تنتهى الحرب أو ينتهى هو..ابتسمت وقلت لماذا؟ مالذى يشعرك بهذا؟قالت الزهراء..الزهراء يا محمد من تأثير والدها الطاغى لا أسمعها الا تردد كلمات ابيها المفضله..وأعادت على الكلمات التى كان ينشدها الغامدى فى السياره عندما أدركت أن عبد العزيز يريد كابل
..الله أكبر قد أطل نهار.....والموت فى كنف الاله فخار
وثورة الاسلام شب أراها....جند الرسول وحبذا الأخيار
أبكى على كابول حتى ينجلى ...ذاك الدجى ويزول عنها العار
عندما ذهبت أنا وعبد العزيز الى هناك أذهلنى بفرحة روحه العارمه أخبر من هناك عن استعداده لبذل أى شئ من أجل المجاهدين
..وانتهى الشهر سريعا وأخذنا عطلة الحج عشر ذى الحجه وأيام التشريق ليلة الثانى من ذى الحجه اتصل بى عبد العزيز وقال أريدك..ذهبت اليه أخبرنى أنه سيقضى العطله بين صفوف المقاومين على جبهات أفغانستان
..أوصانى كثيرا بابنته الزهراء..قال لى يامحمد لاتنسى الزهراء والثبات وذكرنى الدعوة ودماء سلمان..ان نسيت الزهراء لاتنسى الدعوة ودماء سلمان لا تنساهما يا أخى.
.اتصل بزوجتى ليلتها وأوصاها كثيرا بزهراءه..وفى اليوم التالى أوصلته الى الحدود.؟.وعلى الحدود ذكرنى مرة أخرى الزهراء..الثبات ..الدعوة ودماء سلمان..حدثنى بعض من عايش الجبهة مع عبد العزيز هناك..قالو فى الأيام السبعة الأولى له هناك تمنى الكثيرون ذلك الجلد...تلك الصلاة وتلك القراءه..ذلك الخشوع ..ذلك الثبات..الذى كان يدفئ برودة الجو هناك..صبيحة عرفات اتصل بى عبد العزيز وقال ان سيمضى الى الخطوط الأماميه بعد العصر...ذكرنى بوصاياه ثم قال أتعلم يامحمد لم أخبرك طيلة معرفتى بك بهذا الشئ..من أول ليلة قابلتك فيها أحببتك فى الله.. أدمعت عينى حينها وصوته يقول لاأدرى لعلك لاتلقانى فى هذه الدنيا مرة أخرى
..صمنا عرفات ذلك اليوم وصامت الزهراء على الرغم من محاولة زوجتى اقناعها أن بنت التسعة أعوام لا يضيرها أن تفطر عرفات..قالت الزهراء بعناد لا أبى قال لى صومى عرفات وادعى لى عند افطارك..وسأدعو له.
.خرج عبد العزيز الى الخطوط الأماميه للمقاتلين على الجبهه..انطلقت قذائفه كالحميم على جند الملاحده تحرقهم بلهيبها فردوا عليه بالمثل.
.وقبل الغروب بدقائق سالت دماء عبد العزيز على أرض أفغانستان
..تحكى حكاية صاحبها المجاهد ..العابد..الصائم.
.ولعله أفطر فى الجنه أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدا..أفطر فطور الشهداء..تحت العرش..غربت شمس ذلك اليوم..وغربت شمس عبد العزيز فى الدنيا..لكن..لعل شمسا أخرى فى طريقها للشروق.
.شمس ابنته..زهراءه
.تمت والحمد لله.
.الله أكبر..ولله الحمد

الخميس، 26 يوليو 2007

عزامى الروح _2

كنا تلك الأيام فى نهايات شهر رجب.وكنا قد بدأنا نستعد لرمضان وأيامه نرتب جداول لقاءنا..من سيلقى درس الخميس..حتى لايأتى رمضان فننشغل عن العباده...كان عبد العزيز تلك الأيام قد وصل الى ذروته فمنذ اغتيال عبد الله عزام تخلى عن هدوءه المعتاد وسمته المصاحب له...ما جلسنا مجلسا الا وذكر الجهاد والمجاهدين ..تفاصيل حياتهم يعرفها..وكلما كلمه أحدنا بأن يهدئ من حاله أجاب عزام بذل من دمه كى تحيا هذه الأمه..أتستكثرون على أن أبذل من نفسى لأجلها...يهاتفنى سحر كل ليلة اثنين وخميس..لاتنسى نية الصيام لأجل المجاهدين..لا تنسى القيام لأجل أم أفغانيه تهرب بأبناءها هذه اللحظه،

،وجاء رمضان وقررت أن أصلى فى مسجد امامه عبد العزيز الهاشمى ،،كان الرجل يرتقى بنا كل ليلة الى السماوات من قراءته...من خشوعه..من كتمة بكاؤه الخافته..عندما يدعو يرتج المسجد بآمين تخرج ضارعة الى ربها أن انصر المسلمين وانصر المجاهدين فى كل مكان.

.آخر ليلة جمعة فى رمضان كان هو من سيلقى الدرس..توقعنا جميعا أن يكون الدرس عن الجهاد كعادة عبد العزيز تلك الأيام..لكننا فوجئنا بالدرس عن الثبات على دين الله..حدثنا مطولا عن الثبات على الحق وعدم التهاون فيه وزكرنا بالسلف فى ثباتهم على الحق وأهمية الثبات كركن من أركان الدعوة الاسلاميه..استمع الجميع له بانصات تلك الليله وفى قلبى أحسست أن أبا الزهراء قد أضمر شيئا فى خاطره.

..بعدما عدنا من عطلة العيدحدثنى عبد العزيز أنه سيتم اجراءات سفره للجامعه الاسلاميه فى باكستان..وقال حسبى أن أكون فى مكان عمل فيه عبد الله عزام من قبل..فكرت قليلا ثم قلت أحاول أن أذهب معك الى باكستان..قال حسنا تفعل ونلتقى على طاعة الله هناك..أوصلنى عبد العزيز الى منزلى بسيارته فى ذلك اليوم ..كان صامتا طوال الطريق وصوت الغامدى يصدح:

الله أكبر قد أطل نهار.....والموت فى كنف الاله فخار

وثورة الاسلام شب أراها....جند الرسول وحبذا الأخيار

أبكى على كابول حتى ينجلى ...ذاك الدجى ويزول عنها العار

فى اليوم الثانى أتممنا اجراءاتنا سويا وأنا أجمع الورق سمعت صدى بين شفتيه

أبكى على كابول حتى ينجلى ...ذاك الدجى ويزول عنها العار

فأدركت أن الرجل لم يرد باكستان وانما أراد أخرى..أراد كابل...
والبقيه قريبا ان شاء الله.

الجمعة، 20 يوليو 2007

محاولاتى الأولى...عزامى الروح

بسم الله الرحمن الرحيم


لم أعرف عبد العزيز الا فى مرحلة متأخرة من حياته..وأن كنت سأشرف لو أننى عرفته للحظة واحدة من عمرى

..1987

د.عبد العزيز الهاشمى..أستاذ للتاريخ الاسلامى هكذا قدمه لى عبد الله وهو يبتسم نظرت للرجل وجه منير وابتسامة حانيه..ولحية مهيبه سوداء كسواد الكعبه وكطهرها..ابتسم وقال لى تشرفت بلقائك,,وجلسنا كان النقاش محتدا يومها بين كل من جمعهم المجلس..كانت الحرب الأفغانيه على أشدها وكانت صدمة العالم من ثلة من المجاهدين تصد ثانى أكبر قوه ضاربه فى العالم جد كبيره...كان عبد العزيزصامتا طيلة نقاشنا الى أن حاولت اشراكه_ زعما_ منى فى الحوار وسألته وماذا بعد عن أفغانستان يا دكتور عبدالعزيز؟ ابتسم فى بساطه وهدوء ثم تكلم ..كالسيل هادرا عن أفغانستان أهم العوائق وأهم المبشرات ثم ختم كلماته بقوله: الشيخ عزام قال لى عندما كنت فى زيارته فى باكستان اذا أتم الله نصر المسلمين على خير فستكون بداية الدوله الاسلاميه التى ينتشر خيرها للعالم بأجمع...بصدق بهرنى الرجل يومها وظلت نفسى تراودنى لأعرف عنه أكثر وهكذا..وجدت نفسى أسأل عبد الله عنه ..سألنى عبد الله لماذا؟ وعلق على موقفى يوم مجلسنا ذاك وقال كنت جالسا كالأبله فاغر الفاه تنظر الى الرجل كأنه معجزة هبطت من السماء ! المهم أعطانى عنوانه ووجدت نفسى أمام بيته أقرع جرس بابه.

..وفتح الباب لأجد عينين صغيرتين تطالعنى وتقول أبى هناك رجل واقف بالباب..وجاء عبد العزيز ورحب بى وأدخلنى الى مجلسه...سألته عن الملاك التى فتحت لى فقال : الزهراء ابنتى الوحيده..ولمحت فى عين الرجل لمعة حزن وهو يقول لفظت والدتها أنفاسها وهى تلدها فأنا لها أب وأم..قال ذلك عندما جلست الصغيرة فى حجر أبيها كأنها تملك دنيا بأكملها

..وهكذا أدخلنى الرجل عالمه لأول مرة فى حياتى..تكلمت معه مطولا عن حياتى..عن هجرتى لبلد أرقها الحزن والقهر..تأثر الرجل تأثرا حقيقيا بكلماتى خاصة عندما أخبرته عن سلمان صديقى الذى قتل فى اجتياح مدينتنا من قبل البعثيين..وجدته يتلو على آيات من كتاب الله " ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" قال لى :أتعلم ما معنى سبيل الله يا محمد؟ سبيل الله طريق السائرين اليه المنيبين له ...دماء الشهداء يا محمد هى أغلى ما نقدمه الى الله فى طريقنا اليه..دماء سلمان ودماء اخوانه التى سالت فى سبيل الله يوما ما ستستحيل طوفانا يغرق كل معقل للكفر والظلم والاستبداد..وخرجت من عنده على موعد لالتقاءنا فى محاضرة من المحاضرات التى كانت تقام فى أحد المساجد القريبه

...ومضت قرابة السنتين على هذه الحال من المضى فى سبيل الله ..الى أن فجعنا بخبر استشهاد عزام ...وكانت نقطة تحول فى حياة عبد العزيز..النقطة الكبرى ..
أكمل فى المرة القادمه...ان شاء الله